Ad Code

Responsive Advertisement

 بحث حول ثقافة المؤسسة 



تمهيد

 

تؤدي ثقافة المؤسسة دور جوهري في كفاءة السلوك التنظيمي للفرد في المؤسسة و هذا من خلال القيم و العادات و التقاليد و القواعد السلوكية و الإتجاهات التي تبرز على مستوى المؤسسة.

تبرز الثقافة في المؤسسة في عدة مستويات،فالفرد في المؤسسة لديه ثقافته الخاصة به فهو التحق بالمؤسسة و هو محمّل بثقافة معينة من مجتمعه من لغة ،و دين، تربية، تعليم، عادات و تقاليد الإجتماعية وتشكل هذه العناصر الثقافية مجتمعة ما يسمى بالثقافة الإجتماعية .

إن ثقافة المؤسسة هي جانب يرتبط بالأفراد بسلوكياتهم ،بدافعيتهم للعمل،برضاهم الوظيفي،بشعورهم بالانتماءهم للمؤسسة، بتحفيزهم..ومنه الإهتمام بالجانب الثقافي للفرد في المؤسسة يعني الإهتمام بكل ما هو إنساني للمورد البشري و هو ما يبرز أكثر دور وظيفة الموارد البشرية .

إن التأثير في الجانب الثقافي-الإجتماعي هو بالدرجة الأولى مهمة الإدارة و ما يجعل هذا الموضوع يربط أكثر بالجانب التسييري في المؤسسة، فالإدارة هي المسؤولة عن نوع الثقافة السائدة في المؤسسة و بالتالي عن نوع السلوكات السائدة في المؤسسة و عن مدى تأثيرها بالجانب الاقتصادي.

و هو ما يجعلنا أمام جملة من التساءلات حول ماهية ثقافة المؤسسة و ما هي محدداتها ؟، أنواعها؟، مستوياتها؟ ما علاقتها بالثقافة الإجتماعية للفرد العامل؟.

بما أن الإدارة تلعب دور جوهري و مهم في هذا الجانب ،في ماذا يتمثل دور الإدارة اتجاه ثقافة المؤسسة

و العكس، هل للثقافة دور اتجاه الإدارة؟.

بما أن الثقافة عامل يتعلق بالمورد البشري في المؤسسة ، فما هو دور وظيفة الموارد البشرية إذن في التأثير على ثقافة المؤسسة؟

إن الإهتمام بالثقافة في المؤسسة هو ظرورة يمليها أولا الإهتمام بالجانب الاقتصادي و هو ما يجعلنا نتساءل عن ما هية علاقة ثقافة المؤسسة بمختلف أنشطة المؤسسة ؟.

 

 

 

 

 

 

 

 

المطلب الثاني:تعريف و مكونات ثقافة المؤسسة

لثقافة المؤسسة تعاريف كثيرة جدا و هذا كون الثقافة في حد ذاتها لها أ كثر من مئة تعريف لذا نحاول التعرض فقط لبعض التعاريف  الأكثر شيوعا.

1.   تعريف ثقافة المؤسسة:

إن مفهوم ثقافة المؤسسة أول ما برز في الكتابات الخاصة بالإدارة في أمريكا الشمالية،و هذا في سنة1981[1]وشاع  استعماله في العديد من المقالات المتعلقة بالمؤسسات الأمريكية،كما أرتبط كذلك بمفهوم كفاءة المؤسسات الأمريكية.

     ولإعطاء الدلالة الحقيقية لمفهوم ثقافة المؤسسة يمكننا الرجوع إلى عدة تعاريف:فحسب peter    وwaterman تمثل هذه الأخيرة  المفاهيم و المعاني المسيطرة أو السائدة في المؤسسة  والقيم المشتركة، أما deal  و  Kennedyيعرفانها بكونها تتعلق بتماسك و انسجام القيم و الأساطير و البطولات و الرموز التي تنتجها المؤسسة،كما تمثل أيضا كل من  التقاليد وتمثل البيئة عند William ouchiمن بين مكونات الثقافة ،كما تمثل القيم أحيانا مفهوم ضمني لثقافة المؤسسة.

نستخلص من هذه التعاريف المتعددة عدة متغيرات لهذا المفهوم[2]: فكل من مجموعة القواعد و القيم غير المكتوبة للمؤسسة و كذا "روح الجسد "كلها تعبر عن ثقافة المؤسسة.

بالرغم من التعاريف المتعددة لهذا المفهوم إلا أننا لا نستطيع إزالة الغموض الذي يكتنف ثقافة المؤسسة، مما يستدعي التطرق لظروف ظهورها،أي مكانتها في تاريخ الفكر الإداري و علاقتها بمفهوم الثقافة حسب علم الأجناس البشرية[3]

2.   الثقافة وثقافة المؤسسة:

إن مفهوم ثقافة المؤسسة مرتبط بمفهوم الثقافة في علم الأجناس البشرية،حيث لم يعرف هذا الأخير شهرة في حقل الإدارة إلا مع الانتشار الحالي لثقافة المؤسسة،و تعرف الثقافة على أنها التلاؤم أو التوافق مع العوامل المحيطة[4]،و تتضمن الثقافة كذلك الأفكار المشتركة بين مجموعات الأفراد و كذا اللغات التي يتم من خلالها إيصال الأفكار بها،و هو ما يجعل من الثقافة عبارة عن نظام لسلوكيات مكتسبة .

 

تمثل كل من "نظرية z "، و"فن الإدارة اليابانية"، و" ثقافة المؤسسة"و" البحث عن الامتياز"من المصادر الأساسية الأربعة لثقافة المؤسسة ،كما تعتبر بعض المقالات الصادرة  في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1981 من بين المراجع الأساسية الأولى التي تناولت هذا المفهوم.

يتميز مفهوم ثقافة المؤسسة في هذه الكتابات بعدة أوجه،غير أنه من خلال الانسجام القوي  والتوافق الذي أفرزته هذه الكتابات يمكننا استخلاص تعريف شامل يجعل من ثقافة المؤسسة عبارة عن نظام للقيم المشتركة و المعتقدات المتفاعلة مع أفراد المؤسسة و هياكلها و أنظمة الإنتاج و المراقبة،و تمثل الثقافة مرجعية للسلوكيات و هي بمثابة نظام فرعي للمؤسسة.

وعليه فالمؤسسة مثلما تملك الهياكل وأنظمة المراقبة والأفراد فهي تملك أيضا ثقافة تعكس هويتها، ويتلخص هذا في نموذج" Mc Kinsey لـ السبعةS "للمؤسسة[5].

تعتبر ثقافة المؤسسة في هذا النموذج إحدى المتغيرات المركزية مما يجعلها تتمركز تركيبة النموذج المتكون من ستة متغيرات أخرى محيطة بثقافة المؤسسة و تتفاعل معها كما هو موضح في الشكل التالي.

الشكل رقم 01: نموذج  s7  Mc Kinsey

Skills (habiletés)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


Oval: Staff (personnelle)

 

 

 

 

 


Source: T.peter et R. watermen, le prix de Ľ excellence, Paris, dunod, p: 32.

3- مكونات ثقافة المؤسسة:

تحـوي ثقافة المؤسسة على عـدة مكونات[6]،  يمكن حصرها في القيم و الأساطير و الرموز   والطقوس والشعائر و البطولات و  الشبكة الثقافية الخاصة بالمؤسسة و تعتبر الطريقة الأساسية لتدقيق الثقافة حسب Maurice thevenet[7]، كما يضيف البعض إلى هذه المكونات مؤسسي المؤسسة و نشاطها وكذا التاريخ الخاص بها.

1.   القيم :و هي ما يتعلق بالأفكار و المعتقدات والفلسفة التي يقتسمها الأفراد و تقود سلوكياتهم         لتحقيق الإنسجام الذي يعكس كفاءة المؤسسة التي من شأنها خلق قيمة أساسية تساهم في تعبئة كل الطـاقات على كافـة المستويات و يعتبرها WATERMANوPETERأساس النجاح الدائم و المستمر،أما MAURICE THEVENET فيعتبر القيم تلك  التي تسمح لكل الأفراد بتقييم الأشياء أو الحكم عليها و التأثير فيها كما تنشأ أيضا من التجارب المعاشة للفرد في الجماعات التي ينتمي إليها.و منها ما هو فردي و ما هو جماعي و تتجسد أهميتها في كونها دستور مرجعي يسمح بتصور القرار و السلوك و الفعل كما يسمح أيضا بالتعبير عنالإدراك الحسن من السىءفي السلوكات سواء على مستوى تسيير الأفراد أو نظام المكافآت و مراقبة التسيير.

يمكن أن تتخذ القيم شكلين هما:

1)  شكل قولي:و هي تلك التي تبرز في خطابات المؤسسة.

2)  شكل غير قولي:و هو ما يبرز في باقي متغيرات المؤسسة أي في باقي نشاطاتها[8].

تساهم القيم في تفسير و توجيه و كفاءة السلوك التنظيمي للفرد و للجماعة[9]،كما يمكن تصنيف القيم إلى صنفين في المؤسسة:القيم المصرح بها و القيم العملية هي الأكثر أهمية لارتباطها بالمنظمة و بالتسيير[10] .

يمكن القول مما سبق أن القيم تتداخل و تشترك مع عدة متغيرات من بينها  السياسات الإستراجية،التكنولوجيا،الزبائن، التسويق كما ترتبط أيضا بالهياكل و الهيكل التنظيمي ، و الإطار الفزيائي و الهندسة المعمارية للمنشآت و نمط الإدارة ،أنظمة المراقبة ،العلاقات بين الوحدات ،و كذا العلاقات مع البيئة. سياسات تسيير .

تبرز القيم في مجال التسيير من خلال ارتباطها بتسيير الأفراد في المؤسسة ،كما تتجسد في السلوكات الفردية و الجماعية.و تحوي ثقافة المؤسسة على خمسة مكونات أخرى تربط و تجمع القيم و هي الأساطير و الرموز و الطقوس و الأبطال و الشبكة الثقافية.

2.   الخرافات:فهي كل ما يروى من قصص و حكايات عن المؤسسة في تاريخها و هي بمثابة أسس المؤسسة و كل ما يتعلق بإنشاءها و هي تحافظ على القيم و ترسخها.

1)   حكايات تأسيس المؤسسة:تخص الأحداث التي تتعلق بأسباب نشأة المؤسسة و ترتبط بموقف بطولي كما ترمي إلى المحافظة على هدف المؤسسة في شكل صورة حية.

2)   الحكايات المحافظة على القيم:و ترمي هذه الأخيرة إلى إعطاء قيمة مركزية للمؤسسة و هذا على مختلف المستويات الهرمية، وهي تبرز فعل مثالي لشخصية مثالية مثلا و هي بمثابة قانون المؤسسة credo الذي من خلاله يندمج الأفراد في المؤسسة بسهولة.

3.   الرموز:يمثل الرمز علاقة خاصة بمعلومة تتعلق بالنظام الثقافي كنمط اللباس، المكافآت و العلاقات التي تميز نظام نظام المشاركة في النشاط الرمزي للمؤسسة و يبرز تطور الرموز و الإشارات[11] إلى درجة تصبح مشابهة للثقافة أحيانا.

تمثل الرموز مرجعية المؤسسة في تكيفها وتلاءمها مع البيئة فالرمز ذلك الذي يحمل في طياته معنى معين و تبرز الرموز في عدة مجالات:

Ø       تبرز من خلال الهيكل التنظيمي.

Ø       فهي تميز النظام العام للمؤسسة كما تعكس المستوى الحضاري للمؤسسة[12].

Ø       تبرز في أساليب ظهور المؤسسة اتجاه البيئة الخارجية.

Ø       في قوانين  السلوكيات  الداخلية للمؤسسة.

Ø       في تهيئة و ترتيب الفضاء المكاني.

Ø       و في خطابات المؤسسة.

4.   الطقوس أو الشعائر: إن الرموز تولد الطقوس بشكل يجعلها تحقق:

 *  تطوير الشعور بالانتماء للمؤسسة.

 *  إعطاء أهمية للأحداث التي تحمل القيم الأساسية.

 *  تثبيت و بقاء الثقافة و ذلك لتفادي التقلبات الناتجة عن تقلب الأنماط.

تخص الطقوس حجم معين من الأفعال اليومية وهو ما يجعل أغلب النشاطات اليومية يمكن أن تكون شعائرية.

كل من طريقة الكلام و الكتابة وكيفية مقاطعة محادثة ومناداة الأفراد وكذاطريقة تحضير وتسيير الإجتماعات كلها عناصر بإمكانها أن تقنن اكتساب قيمة شعائرية؛ كما تعتبر بعض الأفعال من أفضل الشعائر في المؤسسة و تعتبر كعمود ممتاز في تثبيت الثقافة منها الوجبات الجماعية التي تتناول في المؤسسة من طرف المسؤولين مع مرؤوسيهم وكذا الخرجات  الجماعية للمطاعم للإطارات مع نواب مدراءهم،كما تعتبر أيضا التجمعات مواقع و أماكن شعائرية غنية بالمعاني كممارسة الرياضة الجماعية في نهاية الأسبوع مثلاو لقد أوصى  Peter و waterman  بالعودة إلى هذه الممارسات كونها تعطي    وتبرز قيمة  كبيرة و بشكل بارز للقيم الأساسية للمؤسسة.

5.   الأبطال (البطولات): إن الشعائر و شعائرية الحياة تمثل النسيج الذي من خلاله يبرز الأبطال، ويمثل هؤلاء  الأبطال حجر الزاوية للثقافة التنظيمية[13] و نميز هنا نوعين من الأبطال:

أ‌- الذين يصنعون و يبيعون و يضمنون خدمة المنتجات فهم أبطال لوضعية و ظروف معينة و يتميزون بالكفاءة.

ب‌-  الذين يولدون أبطال[14] و هم مؤسسي المؤسسة[15].

يشغل الأبطال عدة مهام فهم يجعلون للنجاح جزأ من ذاكرة المؤسسة و يحددون نمط  وقاعدة الكفاءة و يهتمون بتحفيز العمال و يمارسون تأثير مستمر في المؤسسة.

إن الأبطال سواء ينتمون إلى الماضي أو من الحاضر الجديد فهم يعتبرون قادة تقليديين باختلاف خصائصهم.

6.   الشبكةالثقـــافية:  تعتبر الهيكل الخفي للمؤسسة و تهتم بربط عناصر المؤسسة بعضها ببعض و تتكون الشبكة الثقافية من:

           * تعزيز القيم و ترويج الأساطير.

           *  الحصول على معلومات حول السير الحقيقي للمؤسسة.

           * ربط صداقات و إيجاد مؤيدين و مساندين.

كل شبكة ثقافية لديها هيكلها الخاص و عموما نجد ستة أنواع من الأشخاص ﻳﻨﺷِّﻂﻮﻦ هذه الشبكة و هم من المتحدثون عن التاريخ، و المتكهنون بمستقبل المؤسسة، والموشوشون ،  والجواسيس و أصحاب الدسائس.

إن الشبكة الثقافية بإمكانها أن تعمل بشكل إيجابي للمؤسسة في حالة ما إذا تحقق الشرطان:

 * أن تكون للمؤسسة ثقافة منسجمة.

 * أن يصنع الأبطال هذه الشبكة.

 

المطلب الثاني: مستويات ثقافة المؤسسة

إن ثقافة المؤسسة تتميز بثلاث مستويات تظهر من خلالها[16] و تتمثل في:

1.   الثقافة كمتغيرة خارجية:و تتجسد في الثقافة الوطنية أو الجهوية التي تنشط في إطارها المؤسسة،إن كون المؤسسة تتميز بثقلفة خاصة بها فهي تحدد هويتها[17].

و يجب الأخذ بعين الإعتبار هذه الثقافة في حل مشاكل المؤسسة التي تجعل المؤسسة في اضطراب.                     

 

2.   المتغيرات الثقافية الخارجية:

و هي عدة أنواع:                                                             

1.   ثقافة وطنية: تبرز أهميتها جليا من خلال نظرية z لـw.Ouchis [18]و تشغل الملامح الثقافية اليابانية أهمية كبيرة  في كفاءة الإدارة؛ مما يبرز أهمية ممارسة الإدارة في بلد ما بناءا على معطيات الثقافة الوطنية للبلد ذاته بدل من تقليد الثقافة البيانية أو الأمريكية، و هي الفكرة التي يؤكد عليها  مالك بن نبي وهو ما يصطلح عليه بالمعادلة الاجتماعية في كتابه المسلم في عالم الاقتصاد[19].

2.   ثقافة جهوية: إن اختلاف الثقافات الجهوية ذو تأثير كبير على نمط الإدارة و سير المؤسسات، يبرز بصورة جلية في اختلاف الثقافات الجهوية الفرنسية مثلا و تأثيرها على سير مؤسساتها.

3.   الاجتماعية-الثقافية: يوضح Mike Burke [20] بأن التيارات الاجتماعية-الثقافية تمثل عائقا يجب إزالته أمام المؤسسات ، فالقيم الجديدة للعامل و المستهلك و المواطن تمثل عوامل ثقافية متداخل  للمؤسسة، كما تبرز أهمية و تأثير هذه العوامل الاجتماعية-الثقافية بشكل واضح في نجاح الإدارة اليابانية ، و يتحقق هذا  النجاح  على عدة مستويات سواء على مستوى الفرد أو الجماعة وكذا  وعلى مستوى العمل المنظم[21] .

4.   الثقافات الفرعية: تعتبر المؤسسة شبكة من الثقافات الفرعية ترتبط بالجماعات التي تسعى هذه الأخيرة من خلال هذه الشبكة إلى تطوير هويتها التي تميزها في المؤسسة،وتنتج هذه الثقافات الفرعية من اختلاف النشاطات داخل المؤسسة خاصة نشاطات الإنتاج و التسويق والصيانة و كذا البحث والتطوير و غيرها.

لقد أبرز R. SAINSAULIEU[22] ثقل هذه الثقافات الفرعية في فهم المنظمة، كما يعتبر اختلاف معايير الاعتراف بالنساء، المهاجرين، عمال الصيانة... الخ ،هو حقل جد واسع لمعايير الانتماء ،كما تمثل الثقافات الفرعية عامل جد قوي و ذلك لما يتضمنه من قوة  تأثير في المؤسسة.

5.   ثقافة المؤسسة:تتموقع هذه الأخيرة بين المفهومين السابقين أي مفهوم الثقافة الخارجية و الثقافات الفرعية، وهنا تطرح ملاحظتين في هذا المستوى:

* لفهم أفضل لثقافة المؤسسة يجب تحديد أوساط الثقافة (وطنية، جهوية، اجتماعية) حيث توجد هذه الأخيرة، فثقافتها الفرعية و تفاعلات تمثل عنصر مكون للثقافة.

 * ثقافة المؤسسة حسب التعريف الجزئي فهي نمط للتكيف مع البيئة، إضافة كونها أسلوب لاندماج مختلف هذه الثقافات الفرعية.

إذن تعتبر الثقافة الخارجية و الفرعية مجالين مفضلين لتعريف ما هي ثقافة المؤسسة، و منه نخلص إلى حوصلة تعريف لثقافة المؤسسة من خلال تعاريف عدة للثقافة فهي حسب schein الأكثر شمولية    ودلالة الثقافة التنظيمية هي مجمل الفرضيات الأساسية لمجموعة معينة أو فوج معين و المبتكرة و المكتشفة و المتطورة لمواجهة دليل مرشد من جديد إلى طريقة الصحيحة للتفكير و الإدراك و الإحساس اتجاه مشاكلهم.

 

المطلب الثالث: حدود و فوائد ثقافة المؤسسة

إن ثقافة المؤسسة لا تمثل أي فائدة حقيقية إلا إذا ساهمت في حل مشاكل المؤسسة في التكيف و التنظيم، فائدة و كذا حدود ثقافة المؤسسة على هذه القاعدة[23].

1- الفوائد:

1.1- الثقافة كهوية:تمثل المؤسسة من مدخل ثقافي معين هوية[24]، أي تملك هوية تميزها عن غيرها على صعيد المتغيرات التقليدية لنظريات المنظمات (قطاعه النشاط التكنولوجيا، الحجم)، كما يفضل البعض مصطلح ثقافة عن الثقافة، حيث تستعمل الهوية بشكل مهم كمتغير تسمح للمؤسسة بتحديد  استراتيجياتها التي تسمح لها بتكييف أفضل مع الهوية لا يوجد نماذج للإدارة مبنية على التقليد.

إن الهوية يجب أن تكون محددة و واضحة، فالهوية لا توجد فقط في مستوى الحكايات  والسلوكيات السطحية أو قيم صريحة و واضحة، بل هي القاعدة المنطقية لأنظمة التسيير التي تطورت في المؤسسة، و ذاك لما تتميز به من فعالية، و يساهم وجودها في المؤسسة في ضمان استمرارية هذه الأخيرة.

2.1الثقافة كعامل انسجام: إن تقييم نتائج المؤسسة أصبح مرتبط بمدى تناسق و ارتباط القرارات المتخذة و النتائج المحصل عليها مقارنة بثقافة و هوية المؤسسة، مما يتأكد مرة أخرى أنه لا توجد نماذج للتقليد في الإدارة بل تحقيق تناسق و ترابط في اتخاذ القرارات و تطبيقات التسيير.

3.1-  الثقافة و الجمود: الثقافة ليست وضعية ثابتة، بل تتطور[25]، لأنها تمثل نظام تدريب و تعليم متواصل للمنظمة، فهي تحقق الميراث الذي لا يمكن المساس به كما انها لا تعني التحجر، فثقافة المؤسسة ليست متصلبة[26] بل تتميز فقط ببطء تطوراتها، كما تسمح لنا عملية استخراج أو معرفة الملامح الثقافية بتحديد فرص و إمكانيات التغيير و هذا ما يمثل فائدة و حدود هذا المدخل.

تسمح الثقافة بتكوين تفاعلات المؤسسة من خلال التطورات التي تعرفها و ذلك حتى تسمح لها بالتكيف معها.

 

2- الحدود:

1.2- خطر الانغلاق: إن التناسق بإمكانه تحقيق التأثير بصورة سلبية إذا كانت الثقافة تمثل ميراث محافظ، فتصبح مكان منغلق يكبح الإبداعات و التغيرات، مما جعل مؤسسات ذات ثقافات قوية تختفي وذلك لفقدان التكيف بصورة مطلقة.

2.2 - خطر التعددية (nombrilismes): إن العمل على الثقافة هو تبرير أفعال الماضي و تكوين بعد ذلك منطق الأحداث، و شرح و تبيان الروابط الفعالة التي تكونت عبر الزمن.

3.2- ثقافة قوية أو جيدة: إن مؤسسة ذات ثقافة قوية لا يمكنها دائما تحقيق الأفضلية و الفعالية[27] ، لذا فالثقافة القوية و  الجيدة[28]  هي  تلك  الثقافة التي تسمح للمؤسسة بمواجهة مشاكل التكيف مع المحيط و تحقق الاندماج الداخلي، و بالتالي يمكن أن نجد الثقافة كعامل مساعد و معرقل لحل المشاكل الجديدة التي تكون المؤسسة بصدد مواجهتها و منه التحدي لا يكمن في بناء و تطوير الثقافة بل في جعلها كفؤة.

 

المطلب الرابع: أنماط تقييم ثقافة المؤسسة

يعتمد قرار التدخل الثقافي لأجل التغيير على عملية تقييم ثقافة المؤسسة، و تتميز عملية تقييم ثقافة المؤسسة بثلاث أنماط[29] ترمي ما إذا كانت ثقافة المؤسسة ملائمة أم لا، كما تعتبر هذه الأنماط الثلاثة متكاملة فيما بينها و هي التقييم المعياري ،و التقييم التناسقي نو التقييم الاحتمالي.

1.   نمط التقييم المعياري:

و هو يتعلق بجانب نموذج وحيد لثقافة المؤسسة الجيدة، سواء تتعلق بثقافة z  لـw.ouchi  أو" البحث عن الامتياز"   لـ Petter و waterman  و يوضح هذا النموذج صورة الثقافة الجيدة للمؤسسة. إن ثقافة المؤسسة الجيدة تقيم التركيز على المحيط الخارجي ،و الخدمة ،و كذا الجودة ،و الأفراد ،و الجانب غير رسمي و بناءا على هذا يمكننا تعريف ثقافة المؤسسة بثقافة تحت الجيد بأنها تلك التي تهتم بتقييم الأنشغالات الداخلية و احترام الإجراءات و تولي أهمية أكبر لأنظمة التخطيط و المراقبة و كذا للأسماء و العناوين الهرمية.

2.   نمط التقييم التناسقي:

 هذا النوع لا يتعارض مع النوع السابق، يقيم هذا النمط الانسجام بين الثقافات الفرعية لنفس ثقافة المؤسسة، لا يطرح هذا النمط التقييمي لثقافة المؤسسة مصطلح جيدة / أقل أو تحت الجيدة، بل يتطرق إلى معيار قوة / ضعف؛ فثقافة المؤسسة القوية هي تلك الثقافة التي لديها ارتباط قوي فيما بين ثقافتها الفرعية، مما يعني أن القيم و الشعائر متجانسة، كما تنتشر فيها الرموز و الأساطير بصورة سهلة، فمن المهم أن تكون ثقافة المؤسسة قوية كي تكون جيدة إلا إن هذا لا يكفي.

3.   نمط التقييم الشرطي:

 إن التقييمين السابقين يتمحوران حول أبعاد (جيدة / سيئة، قوية / ضعيفة)، غير أنه يمكننا تصور تقييم شرطي، فلا يوجد تقييم مثالي وحيد بل عدة تقييمات لثقافة المؤسسة وذلك حسب نوع نشاط المؤسسة، فالمتغيرات المناسبة لتمييز أنواع النشاط التي تعرض لها معضم الكتاب في هذا المجال:

q       سرعة التغذية العكسية على الكفاءة التي يعكسها المحيط على المؤسسة.

q       مستوى الخطر الذي يصاحب كل عملية اتخاذ القرار.

 و منه يمكننا تحديد أربعة أنواع ممكنة:

q       ثقافة المؤسسة المخاطرة: و هي تتعلق بنشاطات استثمارية طويلة المدى في المستقبل.

q       ثقافة الذكورة La macho : و هي الثقافة الخاصة بالمؤسسات المتميزة بنشاطات تستدعي تدخلات سريعة.

q       النشيطة / المغامرة (المخاطرة): تطبق في النشاطات ذات الحجم القوي و خدمة ذات جودة.

q       تطورية: تخص النشاطات التطورية، و يبين الشكل التالي النموذج الشرطي لثقافة المؤسسة، كما يرى البعض، منهم Kennedy  و Deal أن هذا النوع يخص كذلك الثقافات الفرعية للمؤسسة[30].

 

 

الشكل رقم 02: النموذج الشرطي لثقافة المؤسسة

 

 

المخاطرة

(استثمارات في المستقبل)

 
Text Box: (تغذية عكسية للكفاءة ترتد من المحيط)
بطيئة       سريعة         غائبة

التطورية

(تخص الاجراءات)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


source: M. Bosche, Op-cit, p:36.

 

 

المبحث الثاني: الثقافة و الإدارة

 

المطلب الأول: الثقافة الوطنية و الإدارة[31]

 

1.   تعريف الثقافة الوطنية:

 منذ سنوات كانت الثقافات الوطنية و الجهوية مهمة بالنسبة للإدارة[32] حتى و إن كانت هذه الثقافات مهمشة إلا انه علينا تعديلها، و ينطبق هذا المبدأ حتى على البلدان الفقيرة للعالم الثالث فلكي تصير بلدان غنية عليها أن تطبق إدارة البلدان الغنية و هو ما يسمى بفرضية إمكانية الحدوث[33] طبعا مع بقاء الفوارق الثقافية و الجهوية، تبرز الوطنية مثلا، في عدة جوانب كالنظام السياسي و الاجتماعي  (الدين، القيم، العادات و التقاليد، اللغة...) و النظام النفساني ( النظام التربوي).

 

للثقافة الوطنية عدة تعاريف حسب عدة كتاب، تبحث عموما هذه التعاريف في مفهوم الثقافة الوطنية و كيف تشترك و ترتبط بالتطور الاجتماعي (دور الدولة، المؤسسات...) اتجاه القيم الثقافية، فهي تفسر كذلك سلوك مجمل الهيكل أو الاجتماعي الذي أحيانا يمكن تفسيره بصورة سيئة من طرف مجموعة أخرى.

 

إن معرفة ثقافة الطرف الآخر أو مجموعة أخرى تمكن من الحصول على فهم أفضل لقيم بإمكانها أن تقارب القيم المختلفة التي تميز مجموعتين، و تعتبر الاتصالات كجسر في ذلك.

يعرف Geert Hofstede  الثقافة بأنها برمجة فكرية جماعية خاصة بمجموعة اجتماعية معينة اتجاه بيئة معينة، حيث يبحث عن التلاؤم أو التكيف معها، كما يوضحه الشكل التالي

 

الشكل رقم 03: البرمجة الفكرية للأفراد

 

 

 

 

 

 

 

 

 


Source:GEER Hofsted et D. Bolling, op. cit, p:22.

2- محتوى و خصائص و غايات الثقافة الوطنية:

تشمل الثقافة الوطنية مجمل القيم و الطقوس و الإشارات المشتركة بين أغلبية الهياكل الاجتماعية، كما يضيف البعض العادات و التنشئة و اللغة و كذا التعليم و المعتقدات[34].

1.3 القيم: كما سبق التعرض إليها فهي تمثل الأفكار و المعتقدات الأساسية و التصورات ( الدنيوية والمقدسة) المتناقلة من جيل لآخر و هي شرط لقبول السلوكيات و اندماجها، كما يعتبر الدين باعتباره من المعتقدات جزء من هذه القيم الثقافية و يعتبر أحيانا القيمة المركزية للمجتمعات المتدينة[35].

كما تكمن أهمية القيم في كونها عامل مهم في خلق الحماس و المثابرة و الجد في العمل و هو ما ذهب إليه ماكس ويبر، وهي التي كانت وراء عملية تحديث أوربا و يؤكد كذلك أوسكار لانج، حيث أن الاتجاهات السيكولوجية التي تشكل روح العمر التاريخي هي مفتاح فهم التطور الاقتصادي و ليس القوي الإنتاجية و علاقات و أسلوب الإنتاج، تبرز القيم كذلك في عدة مفاهيم أخرى كالعمل    وخاصة العمل الجاد و الوقت.

2.3 الأساطير: و هي ترتبط بالتاريخ الوطني و هي تكون لتدعيم القيم المقبولة.

3.3 الشعائر: فهي كل التظاهرات التي تجني فيها القيم و الأساطير و الأعياد الوطنية و الزواج و الجنائز و كذا الولادات التي تحييها الفئات الاجتماعية.

 4.3 الإشارات: تعتبر نواقل للذين لا ينتمون للمجموعة الاجتماعية المرجعية باستقبال بعض (فهم) عناصر ثقافة المجموعة فاللغة و الرموز الوطنية و الرقص و الموسيقى و كذا ألبسة الفلكلورية تعتبر أمثلة لإشارات مرسلة من مجموعة خاصة للاستقبال الجيد يعكس نوعية الاتصالات.

فالثقافة الوطنية ليست جامدة بل متفتحة على المجتمع و المحيط بإدخال قيم جديدة أو ظهور طقوس وأساطير جديدة و تكون هذه الثقافة متفتحة أكثر كما كانت إرادة لفهم الطرف الآخر قبل الحكم مسبقا عليه.

و تتميز المجتمعات الحديثة بدرجة كبيرة من الانفتاح على العالم الخارجي و يمكن أن يحدث ذلك تغيرات عميقة، و يتضح ذلك في الشركات المتعددة الجنسيات التي تبحث في خلق قيم عالمية حيث تسعى من خلال هذا الاقتراب الثقافي إلى تسويق منتجات نموذجية مما يعود عليها بالأرباح كبيرة فحسب Frank Gauthy و Dominique Xardel تتمثل الخصائص و الغايات الثقافية في الشكل الموالي.

 

 

الشكل رقم:04: الحتمية الثقافية

 

 

 

 

 

 

 

 


Source: IRENE Foglierini, op.cit, p:66.

3- الأبعاد الثقافية حسب G.Hofseted[36]:

لقد كشفت دراسات  G.Hofseted التي تعتبر الأكثر ثراء في هذا المجال العلاقة بين تطبيقات الإدارة  والثقافة الوطنية من خلال أبحاث تطبيقية أجريت على مجموعة من الشركات المتعددة الجنسيات الأمريكية المتواجدة في 53 بلد على مختلف، توصل إلى أنه بالرغم من إرادة الإدارة العامة في اتخاذ نفس التطبيقات الإدارية على مستوى مختلف المؤسسات، إلا أنها لم تحقق النتائج المرجوة و ذلك لإعطائها تفسيرات مختلفة من طرف العمال، فهذه النتيجة كانت مختلفة من بلد إلى آخر حسب الثقافة الوطنية، انطلاقا من هذا فإن  Hofseted توصل إلى فرضية أن الإدارة تحكمها أربعة متغيرات: الإحساس بالمشاركة في السلطة ( البعد الهرمي)، الرغبة في السيطرة و التحكم في المستقبل ( مراقبة عدم التأكد)، و درجة الفردية و تقاسم الأدوار الاجتماعية بين الرجال و النساء ( درجة الذكورة ).

1.   البعد الهرمي: تفسر هذه المتغيرة العلاقة السائدة / المسيطرة في مجتمع ما، حيث كلما كانت هذه الأخيرة متواجدة بقوة كلما كانت الغدارة اكثر مركزية في المؤسسات نفس الشيء توجد أو تنتج نفس العلاقة للسيطرة الاجتماعية.

تفسر هذه السيطرة العوامل المختلفة كتراكم الثروة أو الانتماء إلى مجموعة متميزة اجتماعيا... يمكن أن يتضح ذلك في رفض السيطرة الاجتماعية التي تعكس لا مركزية كبيرة في سلطة القرار في مؤسسات البلدان الاسكندنافية ففرنسا مثلا بلد ذو بعد هرمي قوي ( كبير ).

2.   مراقبة عدم التأكد: تعكس هذه المتغيرة درجة الاضطراب في المجتمعات، بعض منها بحاجة إلى التخطيط للمستقبل لكي يحس بالأمان، كما أن هذا لا يعني أن التخطيط دائما يطبق، فبمجرد التوقع بمسلسل ( سيناريو ) فإن هذا يسمح برسم التطورات الممكنة، مما من شأنه تخفيض الاضطراب و القلق و الخوف من المستقبل و البعض الآخر عكس ذلك يجب عدم التأكد الذي يظهر كتحدي يجعله يبرهن على قدرته على التكيف.

3.   درجة الفردية: بينت دراسات G.Hofstede أن مستوى الفردية في كل الحالات يرتبط مباشرة بمستوى التطور الاقتصادي، فالدول الصناعية تمثل مؤشر قوي للفردية باستثناء اليابان[37].

فالروح الجماعية تفضل معنى العمل الجماعي، و هو ما يفسر نمو و نجاح حلقات الجودة في اليابان،  وأهمية العلاقات غير الرسمية في مؤسسات أمريكا اللاتينية و الإفريقية، فهذه تقلص المسافة الهرمية بين الرئيس و المرؤوسين.

4.   درجة الذكورة: يبين hofstede G.الفروقات بين المجتمعات التي تقبل بمشاركة متكافئة في الوظائف الاجتماعية بين الرجال و النساء و تلك التي تفضل الادوار الرجالية في النوع الاول نجد العمال يهتمون كثيرا بظروف العمل وجو المرح بين الزملاء، كما يهتمون كذلك بالتكوين، أما الحالة الثانية نجد أن الأجر و النجاح الفردي أكثر قيمة في هذه المجتمعات.

و يضيف البعض بعد خامس، و هو التوجه نحو المدى الطويل والمدى القصير، و هي الاتجاهات الثقافية المتعاكسة واحدة تفضل التقييم المرتبطة بالمستقبل كروح الاقتصاد و المثابرة و الأخرى نحو القيم التي تركز على الحاضر[38].

 

المطلب الثاني: الإدارة و الاخلاق[39]

إن مفهوم الأخلاق متعدد فحسب بعض الفلاسفة ( أرسطو، أفلاطون، سبينوزا،كانت... ) يشمل كل الأحكام الفكرية و الدينية و كذا السياسية كما يمكن اعتبار الأخلاق دستور للمجتمع وهي تشمل كل القواعد المقبولة في الكيان الاجتماعي، كما تلعب دور هاما في تعديل و ضبط العلاقات فيما بين الأفراد.

إن مفهوم الأخلاق لديه وزن وتأثير على السلوك التنظيمي[40]، فالسلوك مطابق للأخلاق تماما مثلما تسود القيم في نسق معين، لكن ما يهمنا أكثر هو أن المجتمع يتطلب في المؤسسات و في أعضائها سلوكا على المستوى الأخلاقي.

إن المؤسسة عليها التزامات اتجاه زبائنها و مساهميها و كذا اتجاه مجموع أعضائها، من هذا المنطق تطور وانتشر مفهوم أخلاق الإدارة Busines ethik[41].

للاهتمام بهذا الجانب التصوري عليه أن يتجسد في تحقيق الاتفاق مع هوية المؤسسة فالأخلاق تؤسس اتفاق ضمني بين الإدارة و العمال و عليها أن تجسد هذا في الكلام بصراحة بمعنى آخر عليها تجسيد شفافية حقيقية في المعلومات وهذا من شأنه دعم و إنشاء مناخ للثقة و الاحترام المتبادل من خلال إرساء أخلاق محفزة في الإدارة و هذا ما نجده ينعكس في عدة فوائد للمؤسسة، كتحقيق الفعالية لأغلبية أعضاء المؤسسة بوجود مناخ حيوي مرح و القضاء على الصراعات و كل الميراث السيئ للإدارة التايلورية[42].

فالأخلاق في المؤسسة تشجع على احترام الفروقات الشخصية ( الجنس، اللون، العرق، الدين، اللباس...)، كما تسمح كذلك بالاعتراف بحرية التعبير و التسامح مع الاعتراف بالحق في الخطأ، كون الفرد لديه قدرات ( فيزيائية، نفسانية، فكرية) محدودة و الاعتراف بسعة إمكانياته.

قبل أن يتخذ المسير قراره عليه أن يجري اختبار أخلاقي من شأنه الإجابة على ثلاث أنواع من الأسئلة:

 * ما هو الحل الشرعي في المؤسسة ؟، الذي يبرز من خلال قانون أو سياسة المؤسسة.

 * هل هذا القرار متوازن ؟، أي هل متساوي أو عادل بين كل الأجزاء المعنية على المدى الطويل   والمدى القصير؟

 * هل أكون مفتخر بهذا القرار ؟، أي هل يجعلني فخور معتز بنفسي؟

إن الأخلاق لا تعكس فقط التزامات المؤسسة اتجاه محيطها الداخلي أي اتجاه الزبائن و الأفراد  والمساهمين، بل تعكس أيضا التزامات اجتماعية و ذلك باعتبارها عامل اجتماعي، فهي تعتبر كشريك في المجتمع حيث تمثل كلها كوحدة واحدة، مما يجعل عنصر الأخلاق يتجسد اتجاه الفئات والمجموعات الاجتماعية الأخرى.

و تبرز الأخلاق في هذا الجانب الاجتماعي في احترام المتنافسين بتجنب الإشهار الكاذب مثلا و رفض الضغط للتأثير على الزبون بالشراء كالهدايا المقدمة للمشتري، إذن فأخلاق الأعمال أو الأخلاق الإدارية لا يجب أن تبقى مجرد أمنية خير فقط، فمقولة "les affaires c’est les affaires" أصبحت شعارا تجاوزه الزمن و شريعة المستقبل و ما الفضائح الحديثة التي عرفتها بعض المجمعات الصناعية الكبرى إلا تأكيد لما سبق.

 

المطلب الثالث: ثقافة المؤسسة و الإدارة

 

1- ثقافة المؤسسة و إشكاليات الإدارة[43]:

لقد أصيب الكثير بخيبة أمل من مشروع المؤسسة و حلقات الجودة و الإدارة بالمشاركة، و ذلك كونها لا تمثل حلول عالمية لمشاكل الكفاءة و الحوافز، و من جهة أخرى فإن القوانين لم تقدم شيئا، و ذلك لكونها لا تستطيع قياس الفرصة التي يمكن الحصول عليها بمفهوم التغيير، و في هذا السياق تبرز ثلاث ملاحظات فيما يخص الثقافة.

1.   اهتمام الإدارة بالمشاكل اليومية (المتكررة): إن الإدارة لا تتناول معالجة المشاكل الجديدة بدون انقطاع، بل بالعكس تمس المشاكل المتعلقة بالبيئة و التلاؤم.

تعتبر المشاكل الحديثة للعولمة الاقتصادية بطبيعة الحال جديدة لكنها ليست سوى شكل جديد لمشاكل العلاقة مع البيئة، التي تعتبر أساس كل رد فعل أو استجابة للإدارة؛ فالثقافة إذن يجب أن تتموضع بالنسبة لهذه المشاكل المتواجدة بكثرة و على الإدارة حلها.

2.   الإدارة بحاجة إلى نظرية: إن استنفاذ التطبيقات في الإدارة يبرز الحاجة إلى نظرية تساعد في فهم أفضل ما يحدث، إن مفهوم الثقافة مبني على عدة نظريات ليست جديدة حول عمل و سير المجتمعات البشرية، فهو، أي هذا المفهوم، يحسن قدرتنا على فهم المنظمة، إن البحث في الثقافة يندرج ضمن البحث في التسيير بمفهوم أنها تنتج أو تحقق نتائج لمساعدة أصحاب القرار على تحليل افضل و اتخاذ القرار.

4. الثقافة اقتراب تنظيمي: إن الثقافة ما هي إلا اقتراب من بين باقي الاقترابات بفوائدها و حدودها، كما أن تناول مفهوم ثقافة المؤسسة أصبح رهان كل عمل في أو حول الإدارة، فهذا لا يعني أن مشاكل الإدارة هي ثقافية، لكن فقط بإمكانها أن تكون وسيلة تسهل الحل.

 

المطلب الرابع: الثقافة و الخصائص الإدارية

ثلاثة اوجه تميز نشاط الإدارة: فهي فعل، وتخص مجموعة أو فريق، موجهة لتحقيق نتيجة معينة.

1.   كونها فعل:

      تعتبر هنا الإدارة كنشاط يطبق على مختلف المجموعات التطبيقية الأساسية لتحقيق التلاؤم الأفضل معها و ذلك بين الفرد و علاقاته مع غيره من الأفراد و بين الفوج و كذا المنظمة و أخيرا بين المنظمة والبيئة.

إن الفعل الإداري يزود أو تغذيه مرجعيتان نشأ من استثمار الأفراد، أربعة خصوصيات تسمح لنا بتحديد موقع الفعل:

 * يتطلب معارف تقنية في مختلف ميادين التسيير و العلاقات مع مختلف الجهات.

 * يندرج (موجود) ضمن استراتيجية المؤسسة التي تحدد إطاره و توجهه.

 * ينشأ من خلال كفاءة الأفراد المرتبطة بحل المشاكل و تحليل الوضعيات.

 * يتضمن التزام أخلاقي من طرف القائد الذي كون أفعاله و تصرفاته وجهة للأفراد معني بمقتضى مسئوليته كشخص.

فالثقافة إذن تمثل فائدة الإدارة إذا و فقط إذا سمحت بزيادة تحقيق الفعالية، و ذلك يمكن أن يبرز في عدة مستويات، كزيادة المعرفة بحقيقة المنظمة، و تزود الاستجابة الاستراتيجية بتطور التشخيص مما يكشف لنا بتوقع كل فرص النجاح أو الفشل، و توسيع حقل تحليل وضعيات القائد التي تساعد في شرح كيفية عمل المنظمات و كذا بالتدخل على الصعيد الأخلاقي.

2- مستوى الفوج و الجماعة:

       لقيادة مجموعة معينة فإن الإدارة عليها الأخذ بعين الاعتبار الأفراد إن الإدارة تتدخل في عدة وضعيات لمجموعات من الأفراد، حيث تساهم الثقافة في فهم المجموعات و كل مجموعة من شانها أن تخلق ميراث من المرجعيات، التي تمثل في مجملها إنتاج تجربتها و كذا مرجع لمعالجة الوضعيات المستقبلية.

إن إدخال أو ربط الثقافة بالإدارة هو اعتبار المؤسسة تتكون من مجموعة إنسانية في وحدتها.

3-تحقيق الأهداف: المهام و الأهداف و الغايات لا تعني نفس الحقيقة، فالمؤسسة مثلما لديها سبب لوجودها  لديها أيضا أهداف و صعوبات أو عراقيل خاصة بالمدخلات، و الإدارة ما هي إلا وسيلة تكرسها المؤسسة لتحقيق ذلك.

إن قدرة الإدارة في التحكم و توجيه السلوكيات و تحقيق الكفاءة[44] لا تتأتى إلا باتخاذ ثلاث محددات لهذا السلوك لا يمكن فصلها:

 * كفاءة القائد و قدرته على تحليل المواقف و اتخاذ افضل القرارات و اتخاذ المواقف المناسبة.

 * قواعد و أنظمة التسيير تساعد القائد في وضع أو تحديد الفعل المناسب.

 * إن نجاح إدارة الأشخاص مبني على نوعية القائد اكثر من ملائمة أنظمة التسيير للأشخاص.

 * تمثل الثقافة حسب الشكل التالي المستوى الخفي أو اللاشعوري لمجمل القواعد التي تترجم بالضرورة المرجعيات القاعدية.

الشكل رقم 05: مستوى الثقافة                            

 

 

 

 

 

 

 

 

 


Source: M.Thevenet, la culture d’ entreprise, op.cit, p :14.

 

تسمح أنظمة التقييم بالكشف عن العلاقة بين الإدارة و أنظمة قواعد أو قوانين من خلال تقييم الأشخاص، مما يسمح للمؤسسة من التأكد من فعالية أفرادها، بفضل نظام مراقبة التسيير الذي يستعمل في ذلك عدة مؤشرات.

كل نظام تسيير يرتكز على قيم ضمنية مما يجعل مشكلة المؤسسة تنحصر في ما إذا يتفق هذا النظام مع ثقافة المؤسسة أم لا، حيث كشفت بعض الدراسات[45] أن المؤسسات التي تتميز بتطور فعال لحلقات الجودة تملك مواصفات ثقافية مرتبطة بافتراضات خفية أو متضمنة في حلقة الجودة "حيث تحمل الاتجاه نحو العمل الجماعي.

فالثقافة هي أيضا مصدر للسلوكيات، إذن فهي كذلك مصدر للكفاءة، لأنها تشمل المظاهر، فالثقافة يمكن أن تشترك مع بعض مفاهيم نشاط المؤسسة و المهمة وكذا الفعالية، في حين هذه المظاهر في أصلها تمثل سلوكيات، حيث نجد كل فرد يتصرف وفق قاعدة من مخططات ذهنية (تصورات) توجه إدراك الحقيقة لكل ما هو ممكن و مرغوب فيه.

 

 

المبحث الثالث: الثقافة و وظائف المؤسسة

المطلب الأول: تسيير الأفراد[46] :

يبرز مفهوم الفرد في عمق الروابط الأساسية بين وظيفة الأفراد و الثقافة، فيعتبر كجانب تتجلى فيه الصفات الثقافية بشكل محض في معظم الأبحاث، فيرتبط هذا المفهوم بشكل يبرز حقوق و واجبات الفرد اتجاه المؤسسة و حقوق و واجبات المؤسسة اتجاه الفرد، من خلال أنظمة التسيير و القوانين التي تضبط العلاقات و أشكال التفاعلات بين الأفراد.

إن تسيير الأفراد يعني التقنين و التقييم، فالتقنيين يتضمن في وصف الوظائف أو الكفاءات و في تصنيف فئات الأشخاص، و أنظمة التقييم تتدخل في التوظيف و تسيير المهنة و المكافآت و العلاوات...الخ.

إن جانب القواعد و التقنيات لا يتدخل إلا بصورة جزئية في تنفيذ هذه الأنظمة، إن نظام التثمين أو المكافأة يدل أو يعبر عن الطريقة التي تتخذ المنظمة للتكفل بالفرد و بنشاطه، فهو يعتمد على قيم تنفذ بطريقة لاشعورية أو شعورية في أنظمة التسيير، لكن إلى أي حد هذه القيم مرسخة في الفرد و ذات دلالة؟.

من اهتمامات تسيير الأفراد أيضا التأثير على جماعة العمل من خلال أشكال جديدة للتنظيم، و ذلك يتضح في شكل أنظمة تتمثل فيها العناصر الفاعلة و كذا في شكل حسي يرتبط بالأشياء و الأحداث / و منه فنحن نمس جانب المرجعيات و ليس فقط جانب تنفيذ الميكانزمات.

توجد في الروابط التي تربط تسيير الأفراد بالثقافة منطقة مضللة أو مظلمة ترتبط بالمناخ الاجتماعي الذي من خلاله يمكن أو يدل على شعور العمال اتجاه مختلف اوجه المؤسسة، حيث تحليل النتائج يعطي وصف لمختلف الأوساط الموجودة في المؤسسة بناءا على أفكار و تصورات موجودة داخل المؤسسة؛ تبرز أهمية المناخ هنا في تقديم مؤشرات تعكس تطورات هذه الأفكار و التصورات، كما تسمح بقياس درجة قبول الوضعية في المؤسسة و كذا القرارات و تطبيقها بشكل منتظم مما من شانه أن يرسم اتجاهات (أي تنبؤات) حول تطور الكيان الاجتماعي.

تتميز نظريات تكوين المناخ[47] بمدخل ثقافي لمشكلة تعد و تغير مفهوم المناخ مما يجعله لا يتفق مع مفهوم الثقافة في بعض الجوانب، لذا جاءت هذه النظريات للبحث عن مرجع يحدد لنا إلى أي حد تؤثر الثقافة في التفاعلات بين الأفراد و ادراكاتهم، فالثقافة تتدخل إذن من أعلى قمة المناخ على مستوى المرجعيات التي تسمح للأفراد بمعرفة تصور المؤسسة.

 ان الثقافة تتعلق بما يفعله الافراد في حين المناخ يهتم بما يفكر فيه الافراد سواء بشكل شعوريلاشعوري، و تتلخص الروابط بين الثقافة و تسيير الافراد في :

q       يمس تسيير الافراد جانب خاص بكل مجتمع انساني و ذلك في طريقة معاملة افراده مما يجعلنا نتوقع إيجاد مرجعيات تطبع السلوكيات و أشكال عملها و هو ما نسميه بالجانب الثقافي

q       يرتبط هذا التسيير بخياراتها و بطرق تثمين و تقييم مهمة (ذات أهمية).

q       إن تسيير الأفراد يعالج الفرد و العلاقات داخل المنظمة و في هذا الأساس توجد بعض المظاهر تنشا من الثقافة.

 المطلب الثاني: مراقبة التسيير

إن هدف هذه الوظيفة هو المتابعة و التحكم في سير نظام المؤسسة، و تتمحور أدوات مراقبة التسيير حول المحاسبة العامة و المحاسبة التحليلية و ذلك لان مراقبة التسيير تعتمد بشكل واسع على نظامي المعلومات و ذلك لتثمين كفاءات مختلف أجزاء نظام المؤسسة مما يجعلنا نخلص إلى:

 * تتعلق أنظمة المعلومات بالتمكين من فعالية و فاعلية المؤسسة .

 * إهمال أو نسيان بعض وظائف المنظمةن تكون هاتين الوسيلتين هما وحدهما  اللتان تعالجا بأنظمة المعلومات و تبلى لها الأولوية في المراقبة.

رغم تزايد الحاجة إلى المعلومات و متابعة النشاطات من جهة، و التحولات التي تعرفها أنظمة الإنتاج[48] اليوم من جهة أخرى، فان ذلك مره إلى البحث في أدوات هذه الوظيفة، غير أن هذا لا يغير من وجود بعض الأولويات كـ:

 * اكتشاف المستوى الحقيقي لفعالية و فاعلية المؤسسة.

 * التركيز على المشاكل الحقيقية للمؤسسة.

 * تزويد المؤسسة بالتغذية العكسية التي تعتمد عليها في تسييرها.

 * إن مراقبة التسيير اليوم لا يمكنها تحديد نطاق نظام المعلومات المحاسبية و كذا المعلومات التي تتعلق بفعالية المؤسسة، و ذلك لان ما تمليه الأنظمة المحاسبية التقليدية اليوم باستمرار لا تتفق مع النظرة النظامية[49]، مما يطرح عدة خيارات أمام المؤسسة:

 * تحديد ما هو مهم بالنسبة للمؤسسة: تحيد مهامها و نشاطاتها.

 * تحديد ما يحمل قيمة المؤسسة

إن تحديد الاختيارات يتطلب عدة تساؤلات: حول القيم المهمة و حول المظاهر المرتبطة بالنشاط وبرهاناته الاستراتيجية.

إن الروابط بين الثقافة مراقبة التسيير توجد أيضا في مستوى التطبيقن حيث الوظيفة تشمل نظام كامل مزود بالهياكل و العلاقات، إن الاهتمام بتقييم نشاط المؤسسة من هذا المنظور يكشف عن الوجه النظامي، يجعل مراقبة التسيير تمس بالأخص اكثر المجموعة الإنسانية، فهذا المفهوم يجعلنا نستخلص من الثقافة المرجعيات الاكثر ثباتا و دواما في المؤسسة.

إن اتجاه مراقبة التسيير مثلما يصفها المتخصصين، هي وظيفة دائما تختص اكثر بالبحث في عوامل الكفاءة المناسبة و ذلك لارتباطها الوثيق بالاستراتيجية و بالقيم.

 

المطلب الثالث: الثقافة و نشاطات أخرى للمؤسسة

1.   ثقافة المؤسسة التسويق:

 لقد أثبتت عدة كتابات العلاقات بين التسويق و الثقافة، فحسب تعاريف( smersich 1983) حدد الروابط الممكنة بين الثقافة و التسويق فيمايلي[50]:

 * الاقتراب المقارن للتسويق في مختلف الأطر الوطنية، فهي المرجعية في إدارة ما بين الثقافات، و تعتبر الثقافة  (management interculturelle) التي بدورها تهتم بالتسويق في حالات عولمة المنتوجات    والأسواق.

 * تأثير الثقافات على عمليات التسويق، باعتبار التسويق يتعلق بممارسات ترتبط بالمظاهر.

 * إنشاء و دمج استعمال المعرفة، خاصة بالتسويق داخل المؤسسة، هذا المتطور موجه للمؤسسات المهتمة بإشكاليات السوق، كما تسعى المؤسسات إلى التأكيد على تفاعل كل وظائفها مع منطق التسويق.

 * أهمية الرموز الخاصة بالمؤسسة في الصفقات التجارية، أي كيفيات إبراز الطقوس و التقاليد و تدخلها في النشاط التجاري.

 * التطور المتميز للمؤسسات الموجهة نحو السوق بتأثير مؤسسيها، أي تأثير مسلسلات الأحداث الموروثة من الماضي، التي توجه المؤسسة نحو بعض أشكال التسويق.

 * يبين هذا الاقتراب كيف يمكن لوظيفة ما أن تعمق تطبيقاتها الخاصة بها و تطورها ثقافة المؤسسة.

 

2.   ثقافة المؤسسة و تسيير الانتاج[51]

إن التغيير في تسيير الإنتاج اصبح تغييرا في طرق الإنتاج اكثر منه تغيير في الوسائل (أي استبدال آلة بأخرى)، فلانتقال من عمل السلاسل (الدورات) الصغيرة/الكبيرة إلى نظام الإنتاج الآلي يعتبر انتقال من التدخل المباشر للعامل إلى "لا تدخل" (أو تدخل باستثناء) للعامل إضافة إلى كون النشاط في حد ذاته عبارة عن مجمل المرجعيات المرتبطة بالعمل و التي تتحول و تفسر على مستوى مجموعات grilles  و ذلك على مستوى الكفاءات و الحرف المهنية.

إذا كان الإنتاج هو العملية المركزية للنشاط، إذن يمكننا تصور الثقل الكبير لهذه العملية في الثقافة، غير إن التطورات تعتمد اكثر على المرونة و التنشيط و اخذ المبادرة من طرف الأفراد في إطار أهداف و قيم المؤسسة ما يفسر وجود الحاجة ثابتة نسبيا و ملائمة مع الثقافة.

إن الاهتمام بتبني أساليب تسيير تتماشى و تطورات الإنتاج ؟

و ذلك لتحقيق كيفية ضمان تطور أساليب الإنتاج مع الأخذ بعين الاعتبار الأنظمة الظهور الراسخة في أنظمة الإنتاج التقليدية.

 

3.   ثقافة المؤسسة و أنظمة المعلومات

إن تطورات هذه الوظيفة تكمل العلاقة بين الثقافة و الوظائف الأخرى، تقوم هذه الوظيفة على إنشاء أنظمة معلومات و صيانتها، كما تعطي هذه الوظيفة أهمية كبيرة للجانب التقني في تحليل الاحتياجات و كذا لتصميم الأنظمة و اختيار الأجهزة و تشغيلها.

غير أن التغيير ليس شيء سهل مهما كان التوافق في الجانب التقنين و المعلومة تتعلق كذلك بالسلطة و الاستراتيجية و كذا بعملية سير المنظمة، كما أن أنظمة المعلومات لا يمكنها اعتبار المعلومة شيء "حيادي" بتفكيرنا في أساليب و طرق تنقلها فقط، إن تبني استراتيجية ما لأنظمة معلومات يجعلنا نستفسر عن معنى و قيمة المعلومة، إن هذا التفسير الرمزي للقيمة يرتبط بكل أنواع المعلومات[52].

و هنا نكون قد دخلنا مجال ثقافة المؤسسة مما يبرز لنا العلاقة بين أنظمة المعلومات و الثقافة.

 

المطلب الرابع: تسيير الأفراد و وظائفها

إن ثقافة المؤسسة هي قريبة من الأفراد الذين يكونونها، مما يجعل تسيير الأفراد تستند أكثر إلى الثقافة، إن تسيير الأفراد تتمثل أو تعكس ما يلي[53] :

 * تحدد مفهوم الروابط بين المؤسسة و الفرد الذي يعمل فيها، و نظام القيم المتضمن في الثقافة، ويعتبر الفرد الحامل لهذه العلاقة بين تسيير الأفراد و نظام القيم.

 * إن عملية تسيير الأفراد تندرج شيئا فشيئا عملية "التثقيف" في تقنياتها و وظائفها، و ذلك محافظة وتعليم الثقافة.

1-العلاقة بين الفرد و المؤسسة:

إن مجمل تقنيات تسيير الأفراد مبنية على مفهوم ضمني للروابط التي تحدث في المؤسسة و الفرد، مما يسمح لنا بتحديد ثلاث مداخل أو اتجاهات أساسية للبحث و التدخل داخل المؤسسة، و هي الحوافز الفردية ثم الرضا و أخيرا الدافعية، و تسمى حاليا هذه الأخيرة بالتعبئة[54].

1.1 الحوافز: و مفهوم أو معنى خاص بمدرسة العلاقات الإنسانية، فالحوافز ذات ديناميكية فهي تنطوي على معنى، و تعتبر القوة الداخلية التي تدفع الفرد للعمل و تحقيق الكفاءةن و بالنسبة لتايلور كانت تتمثل الحوافز في المال بالنسبة لكل الأفراد، أما مدرسة العلاقات الإنسانية فالفرد في العمل يعتبر كائن تميزه مجموعة عوامل نفسية مما يجعل الحوافز هنا متعددة، فما هو صنف هذه الحوافز وفق سلم هرمي لحاجات الفرد التي تدفعه لإشباعها.

لقد حققت الثورة الحقيقية للفكر الإداري في وقت قصير أبعاد جديدة في هذا المجال، حيث كشفت عن تعبير الحاجة إلى تكوين شكل جديد في الجانب الاجتماعي للفرد[55] و ذلك لأن كل المحاولات في الحوافز لم تحقق شيء إيجابي، إضافة إلى أن بذل الجهد في تحفيز الأفراد الذين يملكون الإمكانيات لعمله خارج العمل لدى عائلاتهم أو في أطر جمعاوية أو ترفيهية، فهذا يعني أن المؤسسة لم تعد تمثل ذلك المكان الاجتماعي الوحيد للعمل.

1.2 الرضا في العمل:  كان يمثل هذا الأخير المعنى الأساسي في سنوات السبعينات، فالحوافز تعني الديناميكية و الرضا لا يمثل سوى حالة يرتبط الرضا بالإنتاجية و الفعالية، كما يعتبر كذلك تحسين ظروف العمل من الميادين العملية و الأساسية لنظرياته، إن تطوير رضا العامل بتحسين ظروف العمل يعود بتحقيق زيادة فعالية المؤسسة غير أن هذا التطور أحيانا باء بالفشل رغم كل الإجراءات المتخذة من إحساس بالمسؤولية و إعطاء الاستقلالية و توسيع المهام، مما أدى إلى ظهور اليوم مقاربتين للرضا في الحدود التالية:

 * إن العلاقة بين الرضا و الفعالية لم تعد ترضي بالقدر الصحيح.

 * لم تعد هناك وسائل أخرى لزيادة الرضا

3.1 الدافعية: تعتير هذه الأخيرة مفهوم أو معنى جديد، حيث تعتبر دافعية الأفراد هي الأخرى عنصر فعالية، كما تعرف كذلك كحالة توافق و تقبل أو تلائم بين الفرد و الجماعة و المؤسسة حيث يعمل، فالعلاقة بين الفرد و المؤسسة و ذلك بخلق و تطوير الدافعية.

الشكل رقم:06: العلاقة بين الفرد و المؤسسة                

 

 

 

 


Source:M.Thevenet, audit de la culture d entreprise, op.cit, p:51.

 

لم يعد في الواقع على المؤسسة البحث عن تكوين أنظمة لتطوير الدافعية، بل عليها إيجاد أرضية توفيق و انسجام بين هاذين المستويين من القيم، إذن فالنجاح بالمفهوم الفردي يتحقق بنجاح المؤسسة حيث يعمل، إذن لا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال تفاعل كل أجزاء نظام القيم للفرد، و كذا يتفاعل ادراكه أو تصوره لنجاحه الشخصي، و مفهوم النجاح في تصوره لنظام قيم المؤسسة و ثقافتها.

يمكننا مما سبق أن نستخلص تعريف الدافعية كـ:

q       اعتقاد و قبول أهداف و قيم المؤسسة.

q       النية للعمل في اتجاه المهام و الأهداف التي سطرتها المؤسسة.

q       الرغبة القوية جدا في الحفاظ على المشاركة في استراتيجية المؤسسة.

 

غير أن الدافعية لا تعني الاندماج أو الإعجاب الفرد بوضعيته في المؤسسة بدون مشاكل في المؤسسة، فالدافعية تمثل ارتباط الفرد بالانظمام إلى قيم المؤسسة، مثلما يبينه الشكل، كذلك تعكس تلائم الفرد مع المؤسسة.

 

 

 

 

 

الشكل رقم 07: نموذج ADOP (هولودي)

 

Text Box: اإنضمام
في مهمةmissionnaire
 

دافعية

 
إستقالي
 

أجري

 

تلاءم

 

 

 

 

 


استقالي
 

 

 

 

 


Source:M.Thevenet, op.cit, p:52.

 

إن الدافعية تتحقق حسب الشكل لما يتوفر مستوى معين  من الانظمام (الانتماء)  ومستوى معين من التلاؤم ما يفرز ثلاث وضعيات بارزة للأفراد حسب الشكل:

1. صاحب المهمةmissionnaire : يتميز بانظمام قوي لقيم المؤسسة بدون أي اهتمام للتلاؤم كحالة الشباب الجديد الذي يدخل المؤسسة بصورة جذابة.

2. صاحب الغاية الاجرية: فهو موجود في المؤسسة لتلاؤمها معه فقط، حيث إذا وجد فرصة أحسن يمكن أن يتركها.

3. المستقيل: فهو لا يملك لا الانظمام و لا التلاؤم.

 

إن المؤسسة لا يمكنها أن تخلق في جزء منها الانظمام أو التأييد لقيمها بل تصرح بقيم حسب ما يسمح به الواقع، كما أن التفكير في مصطلحات الدافعية يعني التفكير في الثقافة و في الشبكة الثقافية، كما يعني أيضا تطوير تطبيقات تسيير الأفراد التي تستخدم الثقافة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الرابع: الثقافة و دور الإدارة

المطلب الأول: فائدة الثقافة الإدارة

 

إن الثقافة هي أسلوب تربوي لعدة مظاهر و صور، فهي تهتم بصورة بالغة بالأنظمة الذهنية التي نستعملها و تقود سلوكياتنا، حتى و إن لم نشعر بذلك.

في كل ميادين التسيير و المحاسبة و التسويق نمر بأنظمة المعلومات، مما يجعلنا نحتاج إلى معرفة بالظبط الأشياء و الأحداث التي تتعلق بالأفراد، فالثقافة تعطي مجالات لمظاهر و صور مشتركة في نسق المؤسسة.

ترتكز الثقافة في عملها على أهمية المنظمة كحقيقة في الظواهر التي تميزها، فالمنظمة ليست فقط مجموعة من الأفراد، مثلما عودنا علم اجتماع المنظمات على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الجانب الجماعي، فالثقافة هي أيضا تعطي الصورة[56] و الشهرة للمؤسسة، و منه فان الثقافة تسمح بإعادة تقييم مداخل التغيير في المنظمات، فهي تدعوا إلى اعتدال و بساطة أكثر في "تسيير المشاكل التنظيمية و الاجتماعية فهي تجبر على الأخذ بعين الاعتبار الحقيقة كما هي، ليس كما نريد أن تكون، فهي تقترح استعمال الموارد كما هي في الحقيقة، لا كما نزعم أو نريد تشكيلها.

تتمثل فائدة الثقافة في المؤسسة[57] أيضا في تحقيق الكفاءة في مفهوم العمليات، وكذا في درجة الانسجام، حيث يجعل هذا المفهوم درجة الانسجام من بين الانشغالات الأساسية للإدارة التي توجد في الإطار العام لنموذج الإدارة التي تهتم بشكل كبير بحل المشاكل الدائمة المتواجدة في إطار و في حدود موارد ثقافة المؤسسة و يوضح الشكل رقم 00 العلاقة التي تربط الثقافة و الإدارة من خلال فائدتها.

الادارة

 

 

 

الشكل رقم 08: الثقافة و الإدارة                    

 

 

 

 

 

 

 

 

 


Source:M,Thevenet, culture et comportement, op cit,p:202.

 

المطلب الثاني: تسيير الثقافة

 

إن الثقافة هي نتاج عملية أو صيرورة، فهي تشكل خزان لمرجعيات مستقرة نسبيا، و تستعمل كنقطة قوة كل المشاكل و الوقوف في وجه التطورات.

بإمكانها إذن التساؤل أو البحث في تسيير هذه الصيرورة، لا يمكن تغيير الثقافة مثلما يوضح Maurice Thevenet بشكل جذري بل علينا تدعيم و ترسيخ نقاط قوتها لتحقيق التلاؤم و التكيف مع المتغيرات الخارجية المحيطة، و رفع مستوى الكفاءة بتوفير الانسجام الداخلي.

غير انه توجد إجراءات و عمليات تدعوا إلى التدخل في الثقافة كإدماج الأفراد الجدد مثلا، مما يطرح ثلاث تساؤلات أساسية في هذا السياق[58].

ترتكز هذه تساؤلات على توضيح الملامح الثقافية و مراجعتها لكي لا تكون في شكل نظرة مبهمة وغامضة في شكل جملة من التعاليم لا علاقة لها بالواقع، و بالتالي فنحن بحاجة إلى قاعدة لدراسة ثقافة المؤسسة و منه إعطاء فرصة للنقاش و مقابلة هذه العناصر.

 

2- تسيير الثقافة التنظيمية في المؤسسات ذات الكفاءة العالية:

توجد استراتيجيتين شاملتين لتسيير الثقافة لفتت انتباه الباحثين في السلوك التنظيمي، الأولى تركز على المسيرين و تدرج تغيير أو تعديل اوجه ظاهرة الثقافة التنظيمية، إضافة إلى ظرورة وجود قيم و أفكار مشتركة، أما الثانية ترتكز على استعمال مناهج التطور التنظيمي (DO)لتعديل أو تغيير عناصر الثقافة التنظيمية.

فالمستثمر يمكن أن يعدل الأوجه الأكثر بروزا للثقافة التنظيمية: اللغة، الروايات المأثرة، الشعائر، من خلال عدة أساليب و طرق في ذلك.

فالمسيرين ذوي المستوى العالي هم الذين يسعون إلى تعميم الثقافة التنظيمية و التغيرات الثقافية، فبإمكانهم أيضا التدخل بصورة مباشرة لتشجيع الثقافة التنظيمية التي تستطيع مواجهة و حل مشاكل التكيف الخارجي و الاندماج الداخلي.

إن المسيرين الذين يسعون إلى تعديل قيم الأفراد من منظور السلطة لا يمكنهم تحقيق ذلك بنجاح بعيدا عن تغيير طريقة سير أو عمل المؤسسة و عليهم أيضا الاعتراف بأهمية الأفراد في المؤسسة.

فالقيم لا تفرض من الأعلى، فهي تبرز في مجمل أعضاء المؤسسة، فالثقافة الديناميكية ترتكز على التغيير و الرضى المهني، الذي لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال جملة من عمليات التسيير و الخيارات التكنولوجية و مبادرات كل أعضاء المنظمة.

تشهد حاليا العديد من كبريات المؤسسات ذات التكنولوجيات العالية و نجاح كبير تحولا نحو مبادئ التطور التنظيمي، بحيث يقول مسيرها وجود الثقافات الفرعية، و ذلك لفهمهم لضرورة تسوية مشاكل التكيف و الاندماج الداخلي بالرجوع لمناهج التطور التنظيمي و مواجهة هذه المشاكل، و ذلك بالعمل مع افرادهم بطريقة ترسخ و توجه باستمرار ثقافتهم التنظيمية[59]

أما الثانية ترتكز على التأكيد على المظاهر أو الملامح الثقافية و ذلك في كل مجالات العمل على مستوى المؤسسة الموارد في الوضعية، مما يسمح بالمحافظة على الانشغالات و الأولويات في شكل منسجم.

أما التساؤل الثالث فهو الاتصال، فبإمكانها تحقيق الاتصال من خلال ثقافة المؤسسة، غير أن و هذا لا تمثل سوى جزء من الرسالة المرغوب إيصالها، في حين يحظى الجزء الأساسي للرسالة يوجد في المشاكل المعالجة و المرجعيات التي يجب تدعيمها.

 

المطلب الثالث: حدود و دور الإدارة اتجاه الثقافة

 

1- دور الإدارة اتجاه الثقافة:

تمثل الدور الأول الإدارة في معرفة تنفيذ الأدوات و الاستجابات الضرورية و الكشف عن صلتها، فالإدارة عليها أن تتولى ضمان انسجام سير و عمل المؤسسة تماشيا مع مظاهرها الثقافية.

إن الانسجام هو صيرورة صعبة المقارنة و المقابلة، و كذا صعبة المناقشة و التفسير، فالانسجام ليس شيئا يعطى بمجرد تطبيقه، بل هو بحث دائم و مستمر يتكون كل يوم و غير محدد، ومنه فالإدارة تركز على تدعيم نقاط القوة منها بدلا من محاولة تغيير ثقافتها.

يقول Peter Druker  [60]إن تحقيق التوازن بين التغيير و الاستمرارية هو من بين اكبر مهام الإدارة في المستقبل، يقصد بيتر دروكر هما أن لا مجال لوجود مفاجأة، و أن تحقيق التوازن بين سرعة التغيير والاستمرارية يبقى في إطار احترام الأبعاد الأساسية للمؤسسة، قيمها، مهمتها، مفهومها للكفاءة و كل النتائج إذن فالإدارة عليها ممارسة مهمتها الأساسية و المحافظة على ثقافة المؤسسة و هذا بفضل وجود المعلومات بشكل دائم و مستمر.

 

2- حدود الثقافة:

 

بالتركيز على الظاهرة التنظيمية، فالثقافة لا يمكن أن تتجاهل الفرد، انطلاقا من مفهوم هذا الأخير فان مفهوم إشراك العمال يبرز بشكل غني بالمعاني، بما يسمح بالتوفيق بين المفهومين أو على الأقل تحقيق موقع التقائهما.

لا يجب أن نسلط الأضواء على رغبات الفرد الخاصة أو تخوفاته في تعريف ثقافة مؤسسة فالاستعمال الدائم لهذه الطريقة في البحث و المقارنة بالحقيقة تسمح بتفاديه.

 

المطلب الرابع: الثقافة و نمط الإدارة

1- الإدارة بالمشروع:

1.1 تعريف: إن الإدارة بالمشروع[61] تحمل محفظة من المشاريع تتضمن نظاما للقيم و تحديد الأولويات، و كذا المفاضلة بين الخيارات لهياكل و قواعد المنظمة.

يمكن تقدير ثلاث مراحل زمنية لتطور مؤسسة نحو الإدارة بالمشروع.

2.1 الأبعاد الثلاثة للإدارة بالمشروع: تحوي الإدارة بالمشروع ثلاث أبعاد: الثقافة، التنظيم، ونظام المعلومات.

q       الثقافة: تعني القيم المتميزة بصورة خاصة من خلال الأهمية التي تربط المؤسسة بالمشروع، اختيار مسئولو المشاريع و مهنتهم، و كذا معايير تقييم المؤسسة، بالأخذ بعين الاعتبار مساهمات المشروع.

q       التنظيم: يعني الهياكل و الأدوار و المسؤوليات و الموارد و كذا القواعد و الإجراءات.

q       نظام المعلومات: يسمح هذا النظام بإعطاء رؤية جيدة لمسيري المشاريع، و الوسائل، و قيادة استعمال الموارد و التحكم في الآجال و الميزانيات و التسبيقات، تسهيل التنبؤ، التنبؤ بالمشاكل، و هذا يعني وجود العديد من البرمجيات لأنظمة المعلومات للمشاريع.

2- الإدارة بالقيم:

نشأت الإدارة بالقيم[62]من التناقض المتواجد أحيانا بين الاستراتيجيات و الثقافة، و تعتبر الثقافة هي المتسبب في هذا التناقض، غير أن هذه الحقيقة في غالب الأحيان بتجاهلها رجال الإدارة.

 

يبرز مشكل وجود ثقافة مختلفة  من خلال تفسير فشل عمليات للاندماجات المختلفة والدولية           ( internationallisation )   و تغيير النشاطات و طرق العمل، و عدم السرعة في تحديد المؤسسة للمنافسين، و صعوبة تشغيل التكنولوجيات الجديدة و كذا الاخفاقات العديدة في تنفيذ إدارة الجودة الشاملة[63].

كما تعني هذه الاخفاقات أيضا، إضافة إلى كونها تطرح مشكلة وجود ثقافة مختلفة فإنها تعني كذلك التغير الثقافي.

إن القيم و بعد الرؤية لا يمكن أن تطلب بل هي إنتاج لثقافة المؤسسة، مما يفسر تطور الحاجة إلى الإدارة بالقيم من خلال نظرة المؤسسة التي أصبحت مبنية على قاعدة ثقافية (قيم، مهام)؛ كما ارتبط مفهوم الإدارة بالقيم بتطور نظرة المؤسسة بين الماضي و الحاضر، و تحقيق رضى الزبائن و المساهمين و باقي العناصر المكونة لبيئة المؤسسة؛ و يوضح الجدول الموالي التطورات الملحوضة الجارية بين الماضي (القريب) و اليوم لرؤية المؤسسة في الإدارة.

 

 

 

 

 

 

 

 

جدول رقم 01: التطورات الملحوضة الجارية بين الماضي (القريب) و اليوم

لرؤية المؤسسة في الإدارة.

الماضي/اليوم

اليوم/غدا

النظرة المستقبلية: فصاحب الرؤية ذو أفكار كبيرة، لكن أحيانا ليست حقيقة.

الرؤية: هي تعبير ملموس و متوافق مع ما تريد أن تكون عليه المؤسسة، و ما سوف تكون عليه، و عادة ما يترجم بالغايات و المهمات، و الأهداف، و المنطلقات و الأخلاق.

رؤية مرتبطة أساسا بخيارات أخلاقية و استراتيجية و أدوار في المجتمع.

رؤية: مرتبطة بإدارة الجودة الشاملة، موجهة أساسا لإرضاء الزبائن و المساهمين و باقي الأجزاء المؤثرة في المؤسسة مع احترام الأخلاق و انسجامها مع استراتيجية المؤسسة.

مشروع المؤسسة :نشأ في فرنسا في سنوات الثمانينات يدعوا بالضرورة لتدعيم الاتصال داخل المؤسسة.

يعوض المشروع بالرؤية: فهي ذات قاعدة ثقافية (قيم، مهام و غايات) في مفهوم الأعمال، أهداف طموحة كسبل للتقدم، و مبادئ منظمة للمستقبل.

الرؤية: نادرا ما تصرح في المؤسسة.

الرؤية: جزء من الإدارة الجيدة و الكفؤة.

الرؤية:تحدد من طرف طرف الإدارة.

الرؤية: يتم إعدادها تبعا لعملية توظيفية

ثقافة المؤسسة= معرفة القيم الخاصة بعضها متعلقة و أغلبها،و هو ميدان قليلا ما يكشف المسيرين.

مفهوم القيم: معلن عنها في غالب الأحيان وهوتطور لمناهج الإدارية و الوسائل التقنية.

التثقيف أو التغيير الثقافي = التكوين.

التثقيف أو التغيير الثقافي: يعني عملية معقدة تتمثل في رهانات، التكوين، مؤشرات، مكافآت...الخ.

التسيير: التنبؤ للتنظيم الآمر، المراقبة...الخ.

التسيير: التنبؤ، التنظيم الآمر، المراقبة...الخ و زيادة على هذا ترسيخ أو تغيير الثقافة.

 

Source: JEAN Brilman, Op-cit, p: 52.

 

نلاحظ من الجدول السابق أن رؤية المؤسسة في الإدارة أصبحت تعتمد اليوم على أسس و منطلقات أخلاقية ،قيمية، ثقافية..فالإدارة الكفؤة و الجيدة اليوم هي تلك التي تجسد ثقافة المؤسسة و قيمها في إعداد إستراتيجيتها و في إرساء  ثقافة الجودة الشاملة،فمنظمات المستقبل تعتمد على رؤية ذات قاعدة ثقافية و تنتهج سبل تسيير ترتكز على إرساء التغيير الثقافي.

الخلاصة

نخلص في نهاية هذا الفصل إلى أن ثقافة المؤسسة تلعب دور استراتيجي في تخقيق أهداف المؤسسة و هذا من خلال الدور الذي تلعبه الإدارة في خلق الثقافة الإيجابية في المؤسسة و تدعيمها و نشرها و ترسيخها في سلوكات العمال بشكل يحقق فعاليتهم و كفاءتهم في العمل ، كما تعتبر المسؤولة ـ أي الأدارة ـ عن وجود الثقافة السلبية و الجامدة التي تعرقل السير الحسن لنشاط المؤسسة و بالتالي تحول دون تحقيق الأهداف لهذه الأخيرة .

تحمل الثقافة للإدارة عدة فوائد فهي تساعدها في معرفة نوع الثقافة السائدة في المؤسسة وبالتالي معرفة السلوكات و الإتجاهات و القيم و العادات المتواجدة في كل هياكل المؤسسة و هو ما يسمح للإدارة بمعرفة محددات السلوك التنظيمي ،و منه إمكانية التنبأ به للتحكم فيه بشكل يحقق المردودية و الإنتاجية المطلوبة و بالتالي تحقيق كفاءة الفرد التي بدورها تحقق كفاءة المؤسسة في النهاية و هي الغاية النهائية   لدراسة الثقافة المؤسسة .

 

 



1-      يعتبر  deal و Kennedy أول من تناول هذا المفهوم في كتابهما corporate culture" " الصادر في 1982.

  -أنظر ARCHIER et SERIEY, l’entreprise de troisième type.    .

,«coporate culture»: la culture sans histoire, revue francaise de gestion (RFG), N47-48, Paris, 1984,p29-38.  Marc Bosche-2

[3]-راوية حسن، السلوك في المنظمات، الدار الجامعية، الإسكندرية، 1999، ص12.

1- Marc Bosche, op.cit, p: 28-29.

 

[5]- T. peter ET R. watermen, le prix de Ľ excellence, Paris, Dunod, p: 32.

[6]-M. Bocshe , op.cit , p:31.

[7]-M. Thevenet, audit de la culture d entreprise, Paris, ed d organisation, 1986, p:71-94.

[8]-M.Bosche,op-cit, p32.

[9]-M. Thevenet, J-L-Vachette,culture et comportements, vuibert, Paris,1992, p :217-232.

[10]-Ibid, p:73.

[11]- M. Thevenet, J-L-Vachette, op-cit, p :75.

[12] -علي الشريف، الإدارة المعاصرة، الإسكندرية، الدالر الجامعية: طبع ؛ نشر ؛ توزيع، 2000، ص108.

[13]-MARC Bosc ,op-cit, p :34.

[14] -و هذا وصف deal et kennedy .

[15]-مثل مؤسسي مؤسسة   ( hp)HAWLETTE PACHARD و هم david  pachard  و william hawlette.

[16]-M.Thevenet, op.cit, p: 11.

[17]-R.Reitter et al, cultures d’entreprise , vuibert, Paris, 1991, P :22-30. 

[18]-W.Ouchi,THEORIE Z, traduit de l’american par jaques guiod, Paris, interidition, 1982, P :9-10.

[19]-مالك بن نبي،المسلم في عالم الاقتصاد ،دار الفكر،بيروت.

[20]-M. Burke, l entreprise et les courants socio- cultures de la France d aujourdui, RFG, № 47-48, 1984,p:23-30.

[21]-RENAUD Sainsaulieu, l’ identite au travail, Paris, pfnsp, 1977, p :352-353.

[22] -loc.cit.

[23]-M.Thevenet, op. cit., p: 25-28.

[24]-STRATEGOR, politiques general de l entreprise, 2ed,Paris,dunod, 1997, p:401-427.

[25]-R, Sainsaulieu, sociologie de l entreprise, 2ed, Paris, pfnsp, 1997, p:161.

 

[26]-DANIEL Mercure, la culture en mouvement,Quebéc,les presses de l’atelier graphiques,1992, p:1-6.

[27]-JOHN P.Kotter et JAMES L.Heskett, le second souffle de l’entreprise :culture et performances, traduit par lanrence nicolait,Paris, ed d’organosation, 1993, p :23-26.

[28]-M. Thevenet, la culture d entreprise en neuf question, RFG, № 47-48, 1984, P:7.

[29]-M. Bosche, op.cit, p: 35.

 [30]-MARC Bosche, op-cit, p: 36.

[31]-I Foghiervini, organisation et gestion de l entreprise, 4ed, DECF, aengde, p:64.

[32]-DANIEL Bollinger, GEER Hofsted, les deffirences  culturelles dans le management, ledition d organisation, paris, 1987, p:15.

[33]-Loc-cit.

[34]-عبد الحفيظ مقدم،الثقافة و التسيير، أعمال الملتقى الدولي حول الثقافة و التسيير،جامعة الجزائر،1992،ص10.

[35]-BRIGITTE Berger et AL, esprie  d’ entreprise : cultures et societés, paris, maxima, 1993, p:6-7.

[36]-G. Hofsted, op.cit, p:71-73.

[37] -ريتشارد. ن. باسكال و أنتوني ج .اتوس، فن الإدارة اليابانية ،ترجمة حسن محمد ياسين، معهد الإدارة العامة،العربية السعودية،1986،ص 173.

[38]- JHON R. Schermerhorn; JAUNE S G. Hunt; RICHARD N. Osborn,comportement humain et organisation, 2ed, Paris, village mondial, 2002, p: 56.

[39]-IRENE  Forgherini,op.cit, p:98.

[40]-. JHON R. Schermerhorn; JAUNE S G. Hunt; RICHARD N. Osborn, op-cit, p:16.

[41]- ظهر هذا المفهوم في الولايات المتحدة الأمريكية في سنة 1982.

[42]-IRENE  Forgherini,op.cit, p:99.

 

[43]-M.Thevenet, la culture d’ entreprise, op.cit, p: 8.

[44]- MAURICE Thevenet , J. L-Vachette, op.cit, p:13.

[45]-M.Boshe, F. Boyer, J.-L. Vachette, cercles de la qualite et culture d’entreprise, RFG, 47-48, 1984, p:82.

[46]-M.Thevenet, culture d’entreprise, op.cit, p: 86.

[47]-Ibid, p: 89.

[48] -كنظام الإنتاج وفق الوقت المحدد (juste in time)

[49]-M.Thevenet, op.cit, p: 91.

[50]-Ibid, p: 92.

[51]-Ibid., p: 94.

[52]-loc.cit.

[53]-M.Thevenet, audit de la culture d entreprise, ed d oranisation, Paris, 1986, p:48.

[54]-PARITTER (J.-M.), un renouvelement des pratiques de gestion des ressourses humain, RFG, 53-54:sep, 1985, p :62.

[55]-M.Thevenet, audit de la culture d entreprise, op.cit, p:49.

[56]-GARETH ET MORGAN, images de l organisation, les presse  de  l universite lavale,tradui de langlais par solange chevier-chevier michel auralite,ed eska,op.cit, 4ed, 1989.     

[57]-M.Thevenet, culture et comportement, op.cit,p:201.

[58]-JOHN R.Shermerhom et autre, comportement humain et organisation,2ed, paris, village mondialle, 2002, p: 329.  

[59]- Ibid, p: 343.

[60]- Petter Druker, L’avenir du management, traduction par Jacques fontaine, paris,village mondialle, 1999, p:  

[61]- JEAN Brilman, les meilleures pratique de management, 2ed, paris, edition des organisation, 1998, p: 305.

[62]- Ibid, p: 51.

[63]- R ??, p: 37. 
reactions

إرسال تعليق

0 تعليقات